في عالم مليء بالتغيرات والتطورات السريعة، يعتبر التسويق أحد الجوانب الحيوية والمهمة لنجاح أي منظمة أو عمل تجاري، فقد شهدت مجالات التسويق تطوراً هائلاً على مر العصور، مع تغير التكنولوجيا وتطور احتياجات وتوقعات العملاء، ويعتبر فهم مراحل تطور التسويق أمر هام لمعرفة كيفية تطور استراتيجيات التسويق وتكييفها مع التغيرات المستمرة في البيئة التجارية، خاصة أن تطورات العلوم والتكنولوجيا غيرت الطريقة التي يعيش بها الناس ويمارسون أعمالهم والطريقة التي يبيعون ويشترون بها.
الأسباب التي أدت لتطور التسويق
هناك عدة أسباب تساهم في تطور التسويق، ومن بين هذه الأسباب:
- التكنولوجيا:
تقدم التكنولوجيا الجديدة وظهور أدوات ومنصات تسويقية متقدمة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي،
وتحليلات البيانات، والتسويق الرقمي، والتجارة الإلكترونية، ساعد في الوصول إلى الجمهور المستهدف بشكل أفضل، بالإضافة إلى أن وسائل التواصل الفعالة تساعد في تحسين استهداف الإعلانات وتحليل النتائج. - التغيرات في سلوك المستهلك:
يتغير سلوك المستهلكين واحتياجاتهم بمرور الوقت، فيصبحون أكثر وعيًا وتزيد مطالبهم،
ويبحثون عن منتجات وخدمات مبتكرة، وهذا يدفع المسوقين إلى التكيف مع هذه التغيرات وتقديم قيمة مضافة للعملاء وتجربة
استثنائية تفوق توقعاتهم. - التنافسية:
يزداد التنافس في جميع الصناعات، وهذا يضطر المسوقين إلى الابتكار والتحسين المستمر، فيسعون لتطوير
استراتيجيات فريدة ومبتكرة للترويج لمنتجاتهم وخدماتهم، وللحصول على ميزة تنافسية في السوق. - العولمة:
التطورات في وسائل النقل والاتصال تجعل العالم أكثر اتصالًا وتكاملًا، فيصبح من السهل على المسوقين
الوصول إلى أسواق جديدة والتواصل مع جمهور متنوع من خلال الإنترنت والتجارة العالمية.
مراحل تطور التسويق
مر التسويق بالكثير من المراحل عبر الزمان، وهذه المراحل هي:
-
مرحلة التوجه الإنتاجي
اعتمدت هذه المرحلة على إنتاج كميات كبيرة من السلع والخدمات، وذلك لتلبية الطلبات المتزايدة عليها، فكان الطلب
يزيد عن كمية المنتجات المعروضة بشكل كبير.
لذلك اتجهت المؤسسات نحو الإنتاج بصورة أكبر، حيث أن الزيادة في الإنتاج تؤدي إلى تقليل التكلفة.
فكان الموقف السائد في هذه المرحلة هو تحسين الإنتاج والتوزيع، وتوفير المنتجات بأسعار مناسبة للجميع، وهو ما
كان يبحث عنه العميل. -
مرحلة التوجه نحو المنتج
في هذه المرحلة تغير توجه الشركات، وانتقلت من التركيز على الإنتاج للتركيز على المنتج وجودته، فكانت الفكرة
المنتشرة تفضيل العملاء للمنتجات ذات الجودة العالية والأداء الجيد والمزايا الأكثر، واتجهت الشركات لشعار أن طالما
المنتج جيد، فإنه سيتمكن من التسويق لنفسه بدون الحاجة لجهود ترويجية. -
مرحلة التوجه نحو المبيعات
أصبحت الخيارات عديدة أمام العملاء في هذه المرحلة، وزادت المنافسة بين الشركات، لذلك اتجهت الشركات إلى
الاهتمام بالترويج للمنتجات، فزادت الإعلانات بشكل كبير في هذه المرحلة، وأصبح شعار المسوقين أن الابتكار في
الإعلانات والإبداع في طريقة البيع هو الحل لإقناع المستهلكين بشراء المنتج. -
مرحلة التوجه التسويقي
في مراحل التسويق الأولى كان التركيز الرئيسي على العملية الإنتاجية وتوفير المنتجات للسوق بأسعار تنافسية، ولكن
مع تزايد توافر المنتجات وتشابك السوق المنافسة، أصبح هذا النهج غير كافٍ لتلبية متطلبات وتوقعات العملاء.
فتطور التوجه التسويقي، وانتقلت الشركات إلى التركيز على العملاء واحتياجاتهم، وبدأ المسوقون في فهم السوق
وتوقعات العملاء، وبناء استراتيجيات تسويقية تستهدف تلك الاحتياجات بشكل فعال. -
مرحلة العلاقات التسويقية
تهدف هذه المرحلة إلى بناء علاقات قوية ومستدامة مع العملاء، وتتضمن مراحلها التعرف على العملاء المحتملين
وجذبهم، وبناء علاقات قوية معهم من خلال تقديم تجربة إيجابية ومنتجات ذات قيمة عالية، مما يجعلهم يتحولون لعملاء
دائمين وذلك بتقديم خدمة متفوقة وتلبية توقعات العملاء.
يتطلب النجاح في هذه المرحلة إدارة علاقات العملاء القائمة والتواصل المستمر معهم، حيث تسعى الشركات إلى بناء
قاعدة عملاء مخلصة وتحقق النجاح المستمر في السوق عن طريق الاستثمار في علاقات قوية ومستدامة مع العملاء. -
مرحلة التوجه الاجتماعي للتسويق
مرحلة التوجه الاجتماعي للتسويق تعتبر جزءًا مهمًا في تطور التسويق الحديث، حيث تركز هذه المرحلة على تكوين
علاقات وتفاعلات اجتماعية بين العملاء والشركات، وتعزيز التواصل الاجتماعي وتشجيع التفاعلات والمشاركة
المجتمعية.
يستخدم التسويق الاجتماعي القوة الاجتماعية لتحقيق أهدافه، سواء كانت توعوية، أو أخلاقية، أو بيئية أو اجتماعية،
ويعتبر التوجه الاجتماعي للتسويق أداة فعالة لبناء سمعة الشركة وتعزيز العلاقة بين العملاء والمجتمع
المحيط. -
مرحلة التسويق الرقمي
ظهرت مرحلة التسويق الرقمي بسبب اعتماد العالم بأكمله على التكنولوجيا والإنترنت، وتركز هذه المرحلة على استخدام
التكنولوجيا الرقمية ووسائل الاتصال الإلكتروني للترويج والتسويق للخدمات التي تقدمها الشركات.
وتتضمن الاستهداف المحدد للعملاء واستخدام البيانات لفهم اهتماماتهم، وذلك باستخدام محركات البحث والتسويق عبر
البريد الإلكتروني والوسائط الاجتماعية.
تعتبر هذه المرحلة أداة حديثة مهمة للوصول إلى جمهور واسع وتحقيق النجاح في السوق الرقمي.
في ختام هذا المقال، يمكننا أن نستنتج أن مراحل تطور التسويق تعكس التحولات العميقة في تكنولوجيا الاتصال واحتياجات العملاء، بداية من الاعتماد على الوسائل التقليدية إلى تطوير استراتيجيات التسويق الرقمي والتركيز على تجربة العملاء، ففي هذا العالم المليء بالمنافسة والتغير المستمر، يتعين على المسوقين الاستمرار في تعلم واكتساب المعرفة، والتواصل مع العملاء وفهم احتياجاتهم ورغباتهم، واستخدام التكنولوجيا والأدوات المتاحة بشكل فعّال لتحقيق أهداف التسويق.
كتابة: أشرقت طارق
